فصل: الآية (‏41 - 42‏)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


-  الآية ‏(‏40‏)‏‏.‏

- أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ يعني لا يصعد إلى الله من عملهم شيء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ لا تفتح لهم لعمل ولا دعاء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ عيرتها الكفار، إن السماء لا تفتح لأرواحهم وهي تفتح لأرواح المؤمنين‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال ‏"‏قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يفتح لهم‏"‏ بالياء‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحا قال‏:‏ أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب راض غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء السابعة، فإذا كان الرجل السوء قال‏:‏ أخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، أخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال‏:‏ من هذا‏؟‏‏!‏ فيقال‏:‏ فلان‏.‏‏.‏‏.‏ فيقال‏:‏ لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء‏.‏ فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر‏"‏‏.‏

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة في المصنف واللالكائي في السنة والبيهقي في البعث عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ تخرج نفس المؤمن وهي أطيب ريحا من المسك، فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها، فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون‏:‏ من هذا معكم‏؟‏ فيقولون‏:‏ فلان، ويذكرونه بأحسن عمله‏.‏ فيقولون‏:‏ حياكم الله وحيا من معكم، فيفتح له أبواب السماء فيصعد به من الباب الذي كان يصعد عمله منه، فيشرق وجهه فيأتي الرب ولوجهه برهان مثل الشمس‏.‏ قال‏:‏ وأما الكافر فتخرج نفسه وهي أنتن من الجيفة، فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها، فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون‏:‏ من هذا‏؟‏‏!‏ فيقولون فلان، ويذكرونه بأسوأ ‏[‏هجاء الهمزة‏؟‏‏؟‏‏]‏ عمله، فيقولون‏:‏ ردوه فما ظلمه الله شيئا‏.‏ فيرد إلى أسفل الأرضين إلى الثرى، وقرأ أبو موسى ‏{‏ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏‏.‏

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري وعبد بن حميد وأبو داود في سننه وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن البراء بن عازب قال‏:‏

‏"‏خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، وكان على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكث به في الأرض، فرفع رأسه فقال‏:‏ استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا، ثم قال‏:‏ إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوهم الشمس، معهم أكفان من كفن الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، قيقول‏:‏ أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان‏.‏ فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء وإن كنتم ترون غير ذلك، فيأخذها فإذا لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذا الروح الطيب‏؟‏‏!‏ فيقولون‏:‏ فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله‏:‏ اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في جسده‏.‏ فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ ربي الله‏.‏ فيقولان له‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ ديني الإسلام‏.‏ فيقولان له‏:‏ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم‏؟‏ فيقول‏:‏ هو رسول الله‏.‏ فيقولان له‏:‏ وما عملك‏؟‏ فيقول‏:‏ قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت‏.‏ فينادي مناد من السماء‏:‏ أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول‏:‏ أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد‏.‏ فيقول له‏:‏ من أنت، فوجهك الوجه يجيء بالخير‏؟‏‏!‏ فيقول‏:‏ أنا عملك الصالح فيقول‏:‏ رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي‏.‏

قال‏:‏ وإن العبد الكافر إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول‏:‏ أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذا الروح الخبيث‏؟‏‏!‏ فيقولون‏:‏ فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ فيقول الله عز وجل‏:‏ اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق‏}‏ ‏(‏الحج الآية 31‏)‏‏.‏ فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان، فيجلسانه فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه هاه‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فيقولان له‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فيقولان له‏:‏ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فينادي مناد من السماء‏:‏ إن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول‏:‏ أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول‏:‏ من أنت فوجهك الوجه، يجيء بالشر‏؟‏‏!‏ فيقول‏:‏ أنا عملك الخبيث‏.‏ فيقول‏:‏ رب لا تقم الساعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ لا يصعد لهم كلام ولا عمل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ لا يرفع لهم عمل ولا دعاء‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ لأرواحهم ولا لأعمالهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قال‏:‏ الكافر إذا أخذ روحه ضربته ملائكة الأرض حتى يرتفع إلى السماء، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء فهبط، فضربته ملائكة الأرض فارتفع، فضربته ملائكة السماء الدنيا فهبط إلى أسفل الأرضين، وإذا كان مؤمنا روح روحه، وفتحت له أبواب السماء، فلا يمر بملك إلا حياه وسلم عليه حتى ينتهي إلى الله، فيعطيه حاجته ثم يقول الله‏:‏ ردوا روح عبدي فيه إلى الأرض فإني قضيت من التراب خلقه وإلى التراب يعود ومنه يخرج‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏حتى يلج الجمل‏}‏ قال‏:‏ ذو القوائم ‏{‏في سم الخياط‏}‏ قال‏:‏ في خرق الإبرة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والطبراني في الكبير عن ابن مسعود في قوله ‏{‏حتى يلج الجمل‏}‏ قال‏:‏ زوج الناقة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن في قوله ‏{‏حتى يلج الجمل‏}‏ قال‏:‏ ابن الناقة الذي يقوم في المربد على أربع قوائم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس‏.‏ أنه كان يقرأ ‏(‏الجمل‏)‏ يعني بضم الجيم وتشديد الميم، وقال‏:‏ الجمل الحبل الغليظ، وهو من حبال السفن‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن مجاهد قال‏:‏ في قراءة ابن مسعود ‏"‏حتى يلج الجمل الأصفر في سم الخياط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مصعب قال‏:‏ إن قرئت الجمل فإنا طيرا يقال له الجمل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد ‏{‏حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏ قال‏:‏ الجمل حبل السفينة، وسم الخياط ثقبة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في الآية قال‏:‏ الجمل الحبل الذي يصعد به إلى النخل، الميم مرفوعة مشددة‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال‏:‏ حتى يدخل البعير في خرق الإبرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر‏.‏ أنه سئل عن سم الخياط‏؟‏ قال‏:‏ الجمل في ثقب الإبرة‏.‏

-  الآية ‏(‏41 - 42‏)‏‏.‏

- أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏لهم من جهنم مهاد‏}‏ قال‏:‏ الفرش ‏{‏ومن فوقهم غواش‏}‏ قال‏:‏ اللحف‏.‏

وأخرج هناد وابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج أبو الحسن القطان في الطوالات وأبو الشيخ وابن مردويه عن البراء قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يكسى الكافر لوحين من نار في قبره، فذلك قوله ‏{‏لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ‏{‏لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش‏}‏ قال‏:‏ هي طبقات من فوقه وطبقات من تحته لا يدري ما فوقه أكثر أو ماتحته، غير أنه ترفعه الطبقات السفلى وتضعه الطبقات العليا ويضيق فيما بينهما حتى يكون بمنزلة الزج في القدح‏"‏‏.‏

-  الآية ‏(‏43‏)‏‏.‏

- أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ فينا والله أهل بدر نزلت هذه الآية ‏{‏ونزعنا ما في صدورهم من غل‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله ‏{‏ونزعنا ما في صدورهم من غل‏}‏ قال‏:‏ هي العداوة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال‏:‏ بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا، فيدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال‏:‏ إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة فبلغوا، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فيشربون من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل، فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن يشعثوا ولن يشحبوا بعدها أبدا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي نضرة قال‏:‏ يحبس أهل الجنة دون الجنة حتى يقتص لبعضهم من بعض حتى يدخلوا الجنة حين يدخلونها ولا يطلب أحد أحدا بقلامة ظفر ظلمها إياه، ويحبس أهل النار دون النار، حتى يقتص لبعضهم من بعض، فيدخلون النار حين يدخلونها ولا يطلب أحد منهم أحدا بقلامة ظفر ظلمها إياه‏.‏

أما قوله تعلى‏:‏ ‏{‏وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا‏}

أخرج النسائي وابن أبي الدنيا وابن جرير في ذكر الموت وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏كل أهل النار يرى منزله من الجنة، يقول‏:‏ لو هدانا الله فيكون حسرة عليهم، وكل أهل الجنة يرى منزله من النار، فيقول‏:‏ لولا أن هدانا الله‏.‏ فهذا شكرهم‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي هاشم قال‏:‏ كتب عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز أن من قبلنا من أهل البصرة قد أصابهم من الخير خير حتى خفت عليهم‏.‏ فكتب إليه عمر‏:‏ قد فهمت كتابك، وإن الله لما أدخل أهل الجنة الجنة رضي منهم بأن قالوا ‏{‏الحمد لله الذي هدانا لهذا‏}‏ فمر من قبلك أن يحمدوا الله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون‏}‏ قال ‏"‏نودوا‏:‏ أن صحوا فلا تسقموا، وأنعموا فلا تبأسوا، وشبوا فلا تهرموا، وأخلدوا فلا تموتوا‏"‏‏.‏

وأخرج هناد وابن جرير وعبد بن حميد عن أبي سعيد قال‏:‏ إذا أدخل أهل الجنة الجنة نادى مناد‏:‏ يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، فذلك قوله ‏{‏ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي ‏{‏ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون‏}‏ قال‏:‏ ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله في الجنة والنار منزل مبين، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ودخلوا منازلهم، رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها، فقيل‏:‏ هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله، ثم يقال‏:‏ يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون‏.‏ فيقتسم أهل الجنة منازلهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاذ البصري قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبصارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا، وتجري عليهم نضرة النعيم فينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له ساجدا فيقول‏:‏ ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفوا أثره، فيستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه، ثم ثقول‏:‏ أنت حبي وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أباس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن‏.‏ فيدخل بيتا من رأسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم، هذه الأنهار من تحتهم تطرد أنهارا من ماء غير آسن، فإن شاء أكل قائما، وإن شاء أكل قاعدا، وإن شاء أكل متكئا‏.‏ ثم تلا ‏{‏ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليل‏}‏ ‏(‏الأعراف الآيتان 8 - 9‏)‏ فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم تطير فتذهب، فيذهب الملك فيقول‏:‏ سلام عليكم ‏{‏تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعلمون‏}‏‏.‏

-  الآية ‏(‏44 - 46‏)‏‏.‏

- أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا‏}‏ قال‏:‏ من النعيم والكرامة ‏{‏فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا‏}‏ قال‏:‏ من الخزي والهوان والعذاب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال‏:‏ وجد أهل الجنة ما وعدوا من ثواب، ووجد أهل النار ما وعدوا من عذاب‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر من المشركين فقال‏:‏ قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا‏؟‏ فقال له الناس‏:‏ أليسوا أمواتا‏؟‏‏!‏ فيقول‏:‏ إنهم يسمعون كما تسمعون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله ‏{‏وبينهما حجاب‏}‏ قال‏:‏ هو السور وهو الأعراف، وإنما سمي الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعلى الأعراف رجال‏}‏‏.‏

أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حذيفة قال‏:‏ الأعراف سور بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال‏:‏ الأعراف هو الشيء المشرف‏.‏

وأخرج الفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال‏:‏ الأعراف سور له عرف كعرف الديك‏.‏

وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال‏:‏ الأعراف حجاب بين الجنة والنار، سور له باب‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال‏:‏ الأعراف جبال بين الجنة والنار، فهم على أعرافها يقول‏:‏ على ذراها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال‏:‏ الأعراف في كتاب الله عمقانا سقطانا‏.‏

قال ابن لهيعة‏:‏ واد عميق خلف جبل مرتفع‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال‏:‏ زعموا أنه الصراط‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ إن الأعراف تل بين الجنة والنار، جلس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ الأعراف سور بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ يعني بالأعراف السور الذي ذكر الله في القرآن، وهو بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال‏:‏ يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ ‏{‏فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون*ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم‏)‏ ‏(‏الأعراف الآية 49‏)‏ ثم قال‏:‏ إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح‏.‏ قال‏:‏ ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط ثم عرض أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا‏:‏ سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم رأوا أصحاب النار ‏{‏قالوا‏:‏ ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏}‏ فتعوذوا بالله من منازلهم، فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد مؤمن نورا وكل أمة نورا، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نورا كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا‏:‏ ربنا أتمم لنا نورنا‏.‏ وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم، فهنالك يقول الله ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ فكان الطمع دخولا‏.‏ قال ابن مسعود‏:‏ إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول‏:‏ هلك من غلب وحدانه اعشاره‏.‏

وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال‏:‏ أصحاب الأعراف، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله من النار، وهم آخر من يدخل الجنة قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال‏:‏ إن أصحاب الأعراف‏:‏ تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار فجعلوا على الأعراف يعرفون الناس بسيماهم‏.‏

فلما قضى بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة فأتوا آدم فقالوا‏:‏ يا آدم أنت أبونا اشفع لنا عند ربك، فقال‏:‏ هل تعلمون أحدا خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسبقت رحمة الله إليه غضبه، وسجدت له الملائكة غيري‏؟‏ فيقولون‏:‏ لا‏.‏ فيقول‏:‏ ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني إبراهيم‏.‏

فيأتون إبراهيم فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه، فيقول‏:‏ هل تعلمون أحدا اتخذه الله خليلا‏؟‏ هل تعلمون أحدا أحرقه قومه في الله غيري‏؟‏ فيقولون‏:‏ لا‏.‏ فيقول‏:‏ ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني موسى‏.‏

فيأتون موسى فيقول‏:‏ هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليما وقربه نجيا غيري‏؟‏ فيقولون‏:‏ لا‏.‏ فيقول‏:‏ ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا عيسى‏.‏

فيأتونه فيقولون‏:‏ اشفع لنا عند ربك‏.‏ فيقول‏:‏ هل تعلمون أحدا خلقه الله من غير أب غيري‏؟‏ فيقول‏:‏ هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله غيري‏؟‏ فيقولون‏:‏ لا‏.‏ فيقول‏:‏ أنا حجيج نفسي، ماعلمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فيأتونني فأضرب بيدي على صدري، ثم أقول ‏"‏أنا لها، ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش فأثني على ربي، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط، ثم أسجد فيقال لي‏:‏ يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول‏:‏ رب أمتي‏.‏ فيقول‏:‏ هم لك، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا غبطني يومئذ بذلك المقام المحمود، فآتي بهم باب الجنة، فأستفتح فيفتح لي ولهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قضب من ذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون منه فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية، وتبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها يقال لهم‏:‏ مساكين أهل الجنة‏"‏‏.‏وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن حذيفة قال‏:‏ أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، غادرت بهم سيئاتهم عن النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، جعلوا على سور بين الجنة والنار حتى يقضي بين الناس، فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم ربهم، فقال لهم‏:‏ قوموا فادخوا الجنة فإني غفرت لكم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن عن ابن عباس في قوله ‏{‏وعلى الأعراف‏}‏ قال‏:‏ هو السور الذي بين الجنة والنار، وأصحابه رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان جسيم أمرهم لله، يقومون على الأعراف يعرفون أهل النار بسواد الوجوه وأهل الجنة ببياض الوجوه، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها، وإذا نظروا إلى أهل النار تعوذوا بالله منها فأدخلهم الله الجنة، فذلك قوله ‏{‏أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمتة‏}‏ ‏(‏الأعراف آية 49‏)‏ يعني أصحاب الأعراف ‏{‏ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏توضع الميزان يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار‏.‏ قيل‏:‏ يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته‏؟‏ قال‏:‏ أولئك أصحاب الأعراف ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف‏؟‏ فقال ‏"‏هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد قال‏:‏ أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي فارعوا من الجنة حيث شئتم‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في البعث عن حذيفة أراه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يجمع الناس يوم القيامة، فيؤمر بأهل الجنة إلى الجنة ويؤمر بأهل النار إلى النار، ثم يقال لأصحاب الأعراف‏:‏ ما تنتظرون‏؟‏ قالوا‏:‏ ننتظر أمرك‏.‏ فيقال لهم‏:‏ إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطياكم فادخلوا الجنة بمغفرتي ورحمتي‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏وعلى الأعراف رجال‏}‏ قال‏:‏ الأعراف حائط بين الجنة والنار، وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول‏:‏ هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تفضل حسناتهم على سيئاتهم ولا سيئاتهم على حسناتهم فحبسوا هنالك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ إن أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فوقفوا هنالك على السور، فإذا رأوا أصحاب الجنة عرفوهم ببياض وجوهم، وإذا رأوا أصحاب النار عرفوهم بسواد وجوهم ثم قال ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ في دخولها، ثم قال‏:‏ إن الله أدخل أصحاب الأعراف الجنة‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن الحرث بن نوفل قال‏:‏ أصحاب الأعراف أناس تستوي حسناتهم وسيئاتهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له الحياة، تربته ورس وزعفران وحافتاه قصب من ذهب مكلل باللؤلؤ، فيغتسلون منه فتبدوا في نحورهم شامة بيضاء، ثم يغتسلون ويزدادون بياضا، ثم يقال لهم‏:‏ تمنوا ما شئتم‏.‏ فيتمنون ما شاؤوا فيقال‏:‏ لكم مثل ما تمنيتم سبعين مرة‏.‏ فأولئك مساكين الجنة‏.‏

وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال‏:‏ الأعراف السور الذي بين الجنة والنار وهو الحجاب، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، فإذا أراد الله أن يعفوا عنهم انطلق بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قصب الذهب مكلل باللؤلؤ تربته المسك، فيكونون فيه ما شاء الله حتى تصفوا ألوانهم، ثم يخرجون في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، فيقول الله لهم‏:‏ سلوا فيسألون حتى تبلغ أمنيتهم، ثم يقال لهم‏:‏ لكم ما سألتم ومثله سبعون ضعفا، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ويسمون مساكين أهل الجنة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والخرائطي في مساوئ الأخلاق والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الرحمن المزني قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف‏؟‏ فقال‏:‏ هم قوم قتلوا في سبيل الله في معصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل الله، ومنعهم من الجنة معصية آبائهم‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف‏؟‏ فقال ‏"‏هم رجال قتلوا في سبيل الله وهم عصاة لآبائهم، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم المعصية أن يدخلوا الجنة، وهم على سور بين الجنة والنار حتى تذبل لحومهم وشحومهم حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإذا فرغ من حساب خلقه فلم يبق غيرهم، تغمدهم منه برحمة فأدخلهم الجنة برحمته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال ‏"‏هم قوم قتلوا في سبيل الله وهم لآبائهم عاصون، فمنعوا الجنة بمعصيتهم آبائهم ومنعوا النار بقتلهم في سبيل الله‏"‏‏.‏

وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن مالك الهلالي عن أبيه قال قائل‏:‏ يا رسول الله ما أصحاب الأعراف‏؟‏ قال ‏"‏هم قوم خرجوا في سبيل الله بغير إذن آبائهم فاستشهدوا، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة، فهم آخر من يدخل الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أصحاب الأعراف قوم خرجوا غزاة في سبيل الله وآباؤهم وأمهاتهم ساخطون عليهم، وخرجوا من عندهم بغير إذنهم، فأوقفوا عن النار بشهادتهم وعن الجنة بمعصيتهم آباءهم‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه من طريق محمد بن المنكدر عن رجل من مزينة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أصحاب الأعراف‏؟‏ فقال‏:‏ إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم، فقتلوا في سبيل الله‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في البعث عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب، فسألناه عن ثوابهم فقال‏:‏ على الأعراف وليسوا في الجنة مع أمة محمد، فسألناه وما الأعراف‏؟‏ قال‏:‏ حائط الجنة، تجري فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الأضداد وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن أبي مجلز قال‏:‏ الأعراف مكان مرتفع عليه رجال من الملائكة، يعرفون أهل الجنة بسيماهم وأهل النار بسيماهم، وهذا قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ‏{‏ونادوا أصحاب الجنة‏}‏ قال‏:‏ أصحاب الأعراف ينادون أصحاب الجنة ‏{‏أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ في دخلوها‏.‏ قيل‏:‏ يا أبا مجلز، الله يقول ‏{‏رجال‏}‏ وأنت تقول‏:‏ الملائكة‏؟‏ قال‏:‏ إنهم ذكور ليسوا بإناث‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال‏:‏ أصحاب الأعراف قوم صالحون فقهاء علماء‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة عن الحسن قال‏:‏ أصحاب الأعراف قوم كان فيهم عجب قال قتادة‏:‏ وقال مسلم بن يسار‏:‏ هم قوم كان عليهم دين‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم‏}‏ الكفار بسواد الوجوه وزرقة العيون، وسيما أهل الجنة مبيضة وجوههم‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الآية ‏(‏44 - 46‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال‏:‏ أخبرت أن ربك أتاهم بعدما أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال‏:‏ ما حبسكم محبسكم هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ أنت ربنا، وأنت خلقتنا، وأنت أعلم بنا‏!‏ فيقول‏:‏ علام فارقتم الدنيا‏؟‏ فيقولون‏:‏ على شهادة أن لا إله إلا الله‏.‏ قال لهم ربهم‏:‏ لا أوليكم غيري، إن حسناتكم جوزت بكم النار وقصرت بكم خطاياكم عن الجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال‏:‏ من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن مجاهد في أصحاب الأعراف قال‏:‏ هم قوم قد استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهم على سور بين الجنة والنار، وهم على طمع من دخول الجنة، وهم داخلون‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ قال‏:‏ والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار أنه سئل عن قوله ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ قال‏:‏ سلمت عليهم الملائكة وهم لم يدخلوها وهم يطمعون أن يدخلوها حين سلمت‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي قال‏:‏ أصحاب الأعراف يعرفون الناس بسيماهم، وأهل النار بسواد وجوههم وأهل الجنة ببياض وجوهم، فإذا مروا بزمرة يذهب بهم إلى الجنة قالوا‏:‏ سلام عليكم، وإذا مروا بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا‏:‏ ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال سالم مولى أبي حذيفة‏:‏ وددت أني بمنزلة أصحاب الأعراف‏.‏